لا إفراط ولا تفريط
إن الاعتدال و التوازن بين الدنيا والدين ، أو المادية و الروحية مبدأ من المبادىء التي دعا إليها الدين الحنيف ، فلقد خلق الله الإنسان وركبه من جسد وروح، وجعل له نصيبا من الحياتين الدنيوية والأخروية ، فلا تستأثربه النزعة المادية ، فيصبح عابدا لجسده مستهلكا لطاقاته في الشهوات، ولذائذ الحياة ، ولا تستأثر به النزعة الروحية فيصبح زاهدا في الحياة منقطعا للعبادة، قاسيا على نفسه بتحريمه ما أحل الله له من الطيبات ، وكبته لغرائزه ببعدهعن الزواج وكل مايتصل بالحياة ، وهذا ما حدث فعلا في الديانتين اليهودية والنصرانية ، حيث إن كلا منهما حرف ما أنزل الله في التوراة والإنجيل ، فاليهودية لم تتمسك بكتابها ، وكان انحرافها بعيدا عن تعاليم دينها ،فهي لا تهتم بالحياة الأخروية ، ولا تقيم لها وزنا،اما المسيحية فقد اهتمت كثيرا بالجانب الروحي واهملت الدنيا والنتيجة كانت ترك الدين كله ،اما الاسلام باعتباره دين الوسطية والاعتدال جعل لكل جانب الدنيا والاخرة اهتماما