رغم أن الصحافة المحلية في قطر "خدمية بصفة عامة" فإن الثورات التي تشهدها المنطقة العربية دفعتها للتعاطي مع الحدث الخارجي باهتمام مبالغ فيه، طبقا لبعض المراقبين.
ومنذ شهرين تقريبا تصدرت أحداث المنطقة العربية الصفحات الأولى في معظم الجرائد القطرية بعناوين تترجم انحيازا واضحا للمطالب التي رفعتها الشعوب في تونس ومصر وليبيا واليمن.
وطبقا للعديد من الإعلاميين فإن تفاعل الشارع المحلي مع عمقه العربي, أرغم الصحف القطرية على التخلي عن واجهاتها المحلية لصالح الأحداث المتسارعة في مشرق العرب ومغربهم.
وكان التلفزيون القطري ألغى مؤخرا نقل أمسيات غنائية نظمت بسوق واقف -الذي يشكل معلما سياحيا وسط الدوحة- الأمر الذي لقي ترحيبا كبيرا بين أوساط قطرية كانت عبرت عن استيائها من بث هذه الفعاليات في الوقت الذي يتعرض فيه الشعب الليبي للقتل والتشريد.
ويرى الإعلامي القطري عبد العزيز إبراهيم آل محمود أن الصحافة القطرية جزء من الإعلام الخليجي الذي لا يقود ولا يصنع رأيا عاما, مشيرا إلى أن الجرائد القطرية حاليا تتبع الجزيرة من حيث التعاطي مع الأحداث العربية.
ويلاحظ آل محمود أن الصحافة الخليجية عموما تتخذ مواقف متطابقة من الشأن الخليجي بينما يختلف تناولها للوضع العربي تبعا لإكراهات التمويل والاتجاه السياسي في كل بلد.
واستبعد آل محمود وجود أي تأثير للتيارات الفكرية والأيديولوجية في رسم اتجاهات الصحافة الخليجية, مضيفا أن الإعلام القطري رغم طابعه المحلي "يسير في اتجاه الشعوب والقومية العربية".
وتوقع آل محمود أن تميل الصحافة القطرية إلى الحذر في حال وصول الاحتجاجات للخليج نظرا لوجود اتفاقيات بين دول التعاون تمس الجانب الإعلامي اللصيق بالجانب الأمني.
صدى للجزيرة
ويرى الإعلامي والأكاديمي عبد المطلب صديق أن الصحافة القطرية تفوقت على نظيرتها العربية والخليجية في التعاطي مع قضايا المنطقة لأن مناخ الحرية في قطر والاستقرار السياسي والاجتماعي جعل البيئة خالية من أي تعقيد إعلامي.
وقال د. صديق في حديث للجزيرة نت "إن الصحف القطرية مثل معظم وسائل الإعلام العربية أصبحت صدى لقناة الجزيرة التي تعد نافذة حية على جميع الأقطار العربية".
وأضاف صديق أن عنصر الإثارة غلب على المهنية في تعاطي الصحف القطرية مع الاحتجاجات والمظاهرات التي تشهدها المنطقة، نظرا لوجود تنافس غير محمود بين هذه الصحف، حسب تعبيره.
عناوين الصحف
ولفت صديق الذي خدم الصحافة القطرية ردحا من الزمن إلى أن عناوين الصحف المحلية في قطر مؤخرا تميل إلى التضخيم, "ربما لإظهار التفوق وهو ما يبدو جليا حال مقارنتها بجريدتي الحياة والشرق الأوسط اللندنيتين".
ويرى أن الصحافة القطرية ستستعيد التركيز على الطابع المحلي بمجرد أن تضع الثورات أوزارها لأن القارئ القطري تهمه في الأساس الأخبار المحلية والخدمية أكثر من القضايا السياسية وهي ثقافة يبررها الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلد.
ويأخذ صديق على الصحف القطرية اقتحامها لمجال العالمية دون اتخاذ الوسائل اللازمة حيث "لم توفد صحفيين للمناطق التي تشهد الاضطرابات", مشيرا إلى أن الافتتاحيات التي تعبر فيها الصحف عن وجهة نظرها تعود بالإعلام إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية.
وتعمد الصحف القطرية من حين لآخر إلى مطالعة القراء بافتتاحيات تعبر عن وجهة نظرها في مختلف القضايا والأحداث التي تشهدها المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج.
وكانت جريدة الراية القطرية اعتبرت -في افتتاحيتها بتاريخ التاسع عشر من الشهر الجاري- أن المظاهرات والاحتجاجات لن تحقق هدفا إيجابيا في البحرين، مطالبة قادة المعارضة بالجلوس إلى مائدة الحوار الذي دعت له قيادة البلد.