حرب شوارع وسلب ونهب في المدن اليونانية
اشتعلت اليونان أمس بالحرائق وامتلأت سماؤها بسحب كثيفة من الغاز المسيل للدموع, ودارت حرب شوارع وأعمال سلب ونهب واشتباكات عنيفة بين الشرطة وآلاف المحتجين علي خطط الحكومة للتقشف
وذلك قبيل انعقاد جلسة عاصفة بالبرلمان لإقرار خطة إنقاذ حاسمة لإنقاذ أثينا من إشهار الإفلاس.
وانتشرت أعمال الشغب في وسط العاصمة اليونانية أثينا عندما حاولت مجموعة من المتظاهرين أمام البرلمان اختراق الطوق الأمني الكثيف الذي فرضته الشرطة حول المبني, ورد عناصر الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع, فانسحب المتظاهرون إلي الشوارع المحاذية التي تحولت إلي ساحة معركة, حيث اندلعت ألسنة اللهب في عشرات المنازل. واشتبكت قوات مكافحة الشغب اليونانية مع أكثر من ألفي فوضوي ملثم يحملون عصيا وقنابل حارقة علي عشرات الجبهات في أنحاء المدينة.
وتصاعدت سحب الدخان الكثيف وملأت الغازات المسيلة للدموع الهواء في المناطق المحيطة بمبني البرلمان, حيث اندلعت النيران في أكثر من15 مبني بينها متاجر وبنوك ومقاهي واثنين من دور العرض السينمائي. ورصدت وزارة الحماية المدنية أكثر من40 حريقا في شوارع أثينا, أغلبها باستخدام زجاجات حارقة. وذكرت تقارير إعلامية بأن80 شخصا, بينهم30 من أفراد الشرطة, أصيبوا واعتقل عشرات آخرون.
وقالت الشرطة إن150 متجرا نهبت في العاصمة واشعلت النار في34 مبني, كما فر اليونانيون والسائحون الذين تملكهم الرعب من الشوارع التي تناثرت فيها الحجارة ومن سحب الغازات اللاذعة وتكدسوا في أبهية الفنادق طلبا للحماية, في الوقت الذي ناضلت فيه شرطة مكافحة الشغب لاحتواء الفوضي. وقالت محطة إن.إيه.تي الحكومية إن اضطرابات اندلعت أيضا في بلدتي فولوس واجرينيو في وسط اليونان, وتم إضرام النار في مصالح تجارية كثيرة في شوارع اليونان من بينها المقر الكلاسيكي الجديد لسينما أتيكون التي تعود لعام1870 ومبني يضم دار سينما آستي الواقعة تحت الأرض والتي كانت الشرطة السرية النازية الجستابو تستخدمها كمكان للتعذيب خلال الحرب العالمية الثانية.
وكان آلاف المتظاهرين قد نظموا في وقت سابق مسيرة للبرلمان, وقدر منظمون أعداد المتظاهرين بأكثر من200 ألف متظاهر, لكن الشرطة أكدت أن أعداد المتظاهرين بلغت55 ألف متظاهر. وعلي النقيض من المناسبات الأخري, صفق المتظاهرون السلميون للفوضويين وهم يشقون طريقهم تجاه مبني البرلمان في ميدان سينتاجما.
وجاءت أعمال العنف تلك في الوقت الذي أقر فيه البرلمان اليوناني مشروع قانون حاسما للتقشف وتخفيف عبء الديون. وخلال الاشتباكات أدان المتظاهرون خطة التقشف, واصفين إياها بأنها ابتزاز من قبل الترويكا الأوروبية. وقال أحد الغاضبين من خطة التقشف إنه لا يمكن العيش في ظل هذه الظروف القاسية, وإنه بحلول2020 سيكون اليونانيون عبيدا لألمانيا.
وأعلن رئيس البرلمان فيليبوس بتسالنيكوس أن البرلمان اليوناني صوت لصالح خطة التقشف الاقتصادية لتفعيل خطة لإنقاذ البلاد من الإفلاس وبقائها ضمن منطقة اليورو نزولا عند طلب الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد.
وفي أول رد فعل للحكومة اليونانية علي أعمال الشغب, أدان رئيس الوزراء اليوناني لوكاس باباديموس من داخل البرلمان أعمال العنف, داعيا مواطنيه إلي إعادة الهدوء إلي المدينة. وقال باباديموس إن الدمار الذي يحدث خارج هذا المبني ليس له مكان في الدول الديمقراطية, أدعو الناس للتحلي بالهدوء, فنحن خلال هذه الفترة الحاسمة والخطيرة لا نملك ترف هذا النوع من الاحتجاج, محذرا من أنه لن يتم التسامح مع أعمال العنف.
بينما أكد عمدة أثينا أن الاشتباكات العنيفة التي تعد الأسواء في اليونان منذ عقود تسببت في أضرار لا يمكن إصلاحها. وقال العمدة جورجوس كامينيس لدي وقوفة خارج مبني تاريخي كان في وقت من الأوقات مقرا لمسرح في فترة كما قبل الحرب العالمية الثانية: إن لدينا ضررا هائلا.
وفي برلين, أكد وزير الاقتصاد الألماني فيليب روسلر أن اعتماد البرلمان اليوناني حزمة من الإجراءات الواسعة للتقشف في مواجهة العجز الهائل في الموازنة ليس إلا شرطا ضروريا في مواجهة الأزمة المصيرية التي تعاني منها اليونان. وقال روسلر إن إقرار الخطة لم ينزع فتيل الأزمة في اليونان, وأن تطبيق هذه الإجراءات سيكون الأمر الحاسم الذي سيقرر البرلمان الألماني علي أساسه ما إذا كان سيوصي الحكومة بالمساهمة في تقديم المزيد من المساعدات المالية لليونان. وفي سياق متصل بإقرار أثينا خطة التقشف, انتعشت الأسواق العالمية كما ارتفعت أسعار البترول وأسعار الذهب