عيون حزينة رتـبـة الـعـضـو
الجنس :
عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 27/03/2011
العمر : 35 العمل/الترفيه : VIP
المزاج : رايقة
| موضوع: جوبا عروس الجنوب السوداني الأحد أبريل 24, 2011 10:03 am | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] المستنقعات والخضرة المظهر المسيطر على جوبا هنا جوبا.. عاصمة الجنوب السوداني، وقطعة الفردوس التي أبدعها الله في أفريقيا.. جوبا منقوشة بأشجارها وألوانها وخلفيتها شديدة الاخضرار. كانت الأمطار تتساقط بغزارة في جو بديع عند خروجي من المطار، ومع اشتداد المطر والبرق يلمع بقوة، والرعد يضرب بسوطه الأجواء.. اندهشت عندما رأيت أناسا يخرجون في الشوارع مهللين للإله الذي يعبدونه ويخشون غضبه، فهو يلحق الأذى بمن عصاه، وهكذا احترقت إحدى الورش التي يقول دينق دايو حاكم جوبا: إن أصحابها كانوا عصاة، ولم يكونوا رحماء بالمحتاجين. جوبا مجتمع القبائل هذه هي جوبا التي تحتضن قرابة الثلاثمائة ألف جنوبي يشكلون كل الفسيفساء القبلية في الجنوب، وهي المدينة الوحيدة من مدن الجنوب التي لا تهيمن عليها إحدى القبائل النيلية الثلاث: الدينكا، والشلك، والنوير، ولكنها أرض "الباريا" إحدى القبائل الاستوائية المتعددة.ففي السودان خمسمائة قبيلة وخمسون لهجة، وفي الجنوب وحده أكثر من ستين من هذه القبائل يشكلون ربع سكان السودان البالغ عددهم 31 مليون نسمة، ولكل قبيلة لهجتها.وثلثا سكان الجنوب ينتمون إلى القبائل النيلية وهي هالونيكا والشلك والنوير، والثلث الآخر من قبائل الباريا والأنواك واللاتوكا والأشولي والزاندي والمورو وغيرها. ومعظم القبائل الجنوبية لها امتداد قبلي بدول الجوار، فالنوير والأنواك تمتد إلى داخل إثيوبيا والدبوسا مع كينيا والزاندي مع الكنغو والأشولي مع أوغندا والفرتيتمع أفريقيا الوسطى.وقد ساهم هذا الارتباط في شعور هذه القبائل بالانتماء للآخر؛ وهو ما ساهم بدوره في اعتقاد القبائل الأخرى كالدينكا بأنهم هم أصحاب البلد؛ وذلك لأنهم يشكلون حوالي 90% من قيادات الحركة الشعبية و70% من قواتها المسلحة.حيث يستعد جون جارانج زعيم الحركة الشعبية لدخولها سلما بعد أن استعصت عليه حربا طوال السنوات العشرين الماضية ليتسلم قيادتها أبناء الدينكا من جوزيف لاقو زعيم الأنانيا الأولى ورياك قاي الحاكم الجنوبي الحالي، وانتظارا لجارانج ابن الدينكابور الحاكم المنتظر بعد توقيع اتفاق نهائي للسلام مع الحكومة.ويعتقد أبناء القبائل الأخرى أن الاتفاق القادم سوف يعطي هيمنة تامة للدينكا على حساب الآخرين، خاصة أن أبناء الدينكا ذوي الوجوه الناعمة طوال القامة ممشوقي القوام يعتبرون أنفسهم الأسياد، أسياد الجنوب بل السودان كله. وجوه أنهكتها الحروب [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ولأن جوبا تحتضن كل هذه الأعداد والثقافات الجنوبية المختلفة فهي مرآة الجنوب كله الذي انصهرت وتمازجت فيه الثقافات المحلية والإقليمية، وشكلت تنوعا يمكن البناء عليه ليعطي السودان ثراء خاصا به، ويكون دافعا للوحدة وليس للانفصال، خاصة أن أبناء الجنوب اختاروا الوحدة عام 1947م، وقبل استقلال السودان عام 1956م، ولكن الإشاعة لعبت الدور الأساسي في تمرد توريت عام 1955، ومنذ هذا التاريخ لم تتوقف الحرب الأهلية سوى سنوات قليلة مع اتفاق أديس أبابا عام 1972م.آثار الحرب تبدو قاسية جدا هنا على وجوه الناس وعلى بنية المدينة الأساسية وعلى إنتاجهم الثقافي ونشاطاتهم الاجتماعية والرياضية.الحرب أسقطت من حساب الزمن إنسان الجنوب فبدت الأجسام وكأنها هياكل عظمية والوجوه تائهة وحائرة بلا هدف ففي هذه العشش من القش يعيش الناس بلا مياه ولا كهرباء ولا صرف صحي. وينقسمون إلى أربع فئات: الفئة الأكثر ثراء هم العاملون بالمنظمات، وهؤلاء يجيدون الإنجليزية ويقرءون بعض الكتب الغربية التي تتحدث عن حقوق الإنسان والانتهاكات التي تتعرض لها الأقليات، ويتلقون برامج سياسية بشكل دائم ويحرصون على تعليم أبنائهم وإلحاقهم بجامعات في كينيا وأوغندا وجميعهم تقريبا يدينون بالمسيحية، وإن كان منهم من ارتد عن إسلامه بعدما سحقه الجوع والمرض، ولم يجد إلا أيدي جماعات التبشير رحيمة تأخذ بيده، بينما غاب عن جوبا والجنوب أي وجود عربي أو إسلامي ولم يتبق من المسلمين هنا إلا 15% من مجتمع الجنوب بعد أن كان كل الجنوب مسلما قبل دخول هيئات التبشير عام 1850م.والمسلمون هم الأفقر والأكثر بطالة، والكثير منهم يعملون بالتسول، وثاني الفئات هم موظفو المصالح الحكومية، وقال لي والي ولاية بحر الجبل التي عاصمتها جوبا الجنرال جيمس لوران هنا 20 ألف موظف وعامل في المصالح الحكومية، ويتلقون رواتب هزيلة لا تزيد عن مائة ألف جنيه سوداني أي أقل من 40 دولارا، وهناك فئة التجار الأوفر حظا؛ لأنهم يحتكرون عملية البيع داخل أسواق جوبا لاستحالة وصول احتياجات الناس بعد نجاح قوات قرنق في حصار المدينة من كافة الطرق، ولكن الكثيرين من ذوي الخبرة من التجار يسلكون طرقا التفافية للوصول إلى جوبا التي تباع السلع فيها بخمسة أضعافها في الخرطوم، أما الغالبية العظمى من أبناء الجنوب وجوبا منهم لا يعملون ويعتمدون على عائل واحد مثل الصيد في النيل أو التقاط ثمار المانجو التي تفترش بها أراضي جوبا. التعليم والثقافة غاب عنهما السلام[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] في إحدى مدارس جوبا كان التلاميذ يتطلعون إلى التعلم، ويصرون عليه على الرغم من انعدام الإمكانيات تقريبا، وقال المعلم "ضو البيت" بمدرسة البلك عن المواد التي يدرسها للطلاب فقال: إننا ندرس باللغة العربية مواد عن إنسان الكون والقبس وهي مختارات من الأقوال المأثورة والحقائق العلمية والعلوم والرياضيات والدين الإسلامي والمسيحي.ويتحدث السكان "عربي جوبا" الخليط من اللغة العربية والإنجليزية واللهجات المحلية، ولكن العربية هي اللغة الطاغية على الرغم من دخول بعض قواعد الإنجليزية عليها.وغالبية الدراسة تتوقف عند المدارس الثانوية التجارية والزراعية لتوقف الدراسة بجامعة جوبا بعد الحرب. ولكن جوبا التي غادرها وهرب من جحيم حصارها معظم حَمَلَة المؤهلات العليا تنتظر عودة السلام وعودة الغائبين لإعمارها.ولا يبدو أن هناك إنتاجا ثقافيا محليا لغياب النخبة من ناحية، وعدم وجود مطابع من ناحية ثانية، وافتقار المدينة لبيوت أو قصور الثقافة التي يمكن أن تعكسإبداع أبناء الجنوب.ولكن الموال الشعبي الذي يصاحب الإخراج هنا يتركز على التغني بالشجاعة والإقدام في الحروب.. كل قبيلة كونت لنفسها حكايات أسطورية تشبه فيها رجالها بالأسود والسباع التي تأكل الأعداء.وتحتل الأبقار أهمية خاصة هنا -ويشبه الفارس بالثور القوي الجميل في الأغاني والموال الشعبي-؛ لأنها تكون بديلا للدم، حيث تقدم الأبقار كتعويض عن القتل أو الإعاقة، وتختلف كل قبيلة في عدد الأبقار التي تبدأ من 15 بقرة إلى 30 بقرة كدية القتل، وهي مقدسة عند بعض القبائل، وتكتسب أهميتها أيضا في أنها تقدم كمهور عند الزواج في معظم القبائل الجنوبية، وإن كان قطاع من الدنيكا والنوبة قد بدأ فياستبدال الأموال بها. منضدة ومنديل وأشياء أخرى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أحد المنازل في جوبا وللزواج طقوس تكاد تكون واحدة مع اختلافات طفيفة، حيث يصارح الشاب والده باسم الفتاة التي يريدها فيكتب خطابا إلى أهلها يحمله قريب له، وعندما تتأكد الأسرة أنه يريدها؛ لأنه يحبها ويقدر أهلها، وليس لأنه التقى بها قبل ذلك، يعطي والد الفتاة موعدا للأسرة فيأتي الشاب ومعه منضدة صغيرة ومفرش وفوطة ومنديل أبيض وطبق وتشكل هذه الأشياء الخطبة التي يحضرها الطرفان، وتحدد فيها الفتاة ما يسمى "بفتح الخشم" وهو مبلغ تحدده وتطلبه بنفسها من خطيبها أمام المجمع الأسرى، وعادة ما يتراوح بين 100 و150 ألف جنيه سوداني، وإذا كان المهر سيدفع بالجنيه السوداني، وليس بالأبقار كما هو عند عدد من القبائل الاستوائية وبعض قبائل الدينكا والشلك والنوبة، فالمهر ينقسم إلى عدة أقسام، إذا كانت العروس متعلمة فيدفع العربي حق المدرسة، ويقدر ما بين 250 إلى 350 ألف جنيه؛ وذلك تعويضا عما صرفه الأب على تعليم ابنته، وهناك حق الأم التي ولدتها ويقدر بـ 500 أو 600 ألف جنيه وحق الأب الذي قام بالتربية والحراسة ما بين 300 و400 ألف، وإذا كانت الفتاة صغيرة ومتعلمة، ولم يسبق لها الزواج فقد يصل المهر على مليون جنيه، أما إذا كانت قد سبق لها الزواج أو غير متعلمة أو متقدمة في السن فإن المهر لا يزيد عن 500 ألف جنيه. وعلى العروس شراء سرير وملاءة ودولاب ولمبة جاز وصوانٍ وحلل.وعند اصطحاب العروس إلى منزل الزوجية تقوم فتاتان من أهل العريس بخدمتها لمدة شهرين أو شهر، وبعد أن تكون قد اعتادت الحياة مع زوجها في بيتها تغادران المنزل بعد أن قامتا بواجبهما في الطهي والغسيل وتطييب الزوجين بالبواخير المحلية، وهناك أفراح تقام في الكنيسة للمسيحيين وهم يشكلون 20% من أبناء الجنوب أو أفراح تقام في البيوت والشوارع وعلى ضفاف النيل عند بعض القبائل التي تعبد النيلأو التمساح أو الحوت. الإسلام الغائب الحاضر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وعلى الرغم من غياب التواجد الإسلامي هناك فإن هيئة الإغاثة الإسلامية التي يترأسها المشير سوار الذهب قد نجحت في رعاية عدد من الخلاوي، حيث يقوم عدد من المتطوعين الشماليين بتحفيظ الصغار القرآن الكريم، وتنخرط أعداد كبيرة من أطفال المسلمين في هذه الخلاوي قليلة العدد وفقيرة الإمكانيات، وفي جوبا لا يوجد إلا أربعة مساجد، ولكن يسمع الأذان فيها بوضوح لاستخدام مكبرات الصوت، وهناك عدد من الزوايا الصغيرة، وتغلب على المؤذن والقارئ لهجة عربي جوبا، حيث تكسير الحروف، ولكنها بشكل غير ملحوظ.عندما غادرتُ جوبا الجميلة علمت أنني كنت سأفقد الكثير لو لم أزُرْ هذه المدينة؛ فهي الساحرة بطبيعتها، الرائعة في تنوعها الثقافي، الجميلة التي ترتدي ثوبا جنوبيا يلتف حول مدنها، إننا لا نعرف عن هذه المدينة الكثير، ولكن أهلها يعرفون عنا كل شيء من خلال حكايات ينقلها لهم القادرون على زيارة بلادنا، وهم يحلمون دائما بزيارة مدن العرب التي يشاهدونها على شاشات التلفاز. | |
|
عطر الشرق رتـبـة الـعـضـو
الجنس :
عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 24/04/2011
العمر : 39 العمل/الترفيه : ست بيت واعول
المزاج : عال والحمد لله
| موضوع: رد: جوبا عروس الجنوب السوداني الأحد أبريل 24, 2011 6:28 pm | |
| لا سامحهم الله من يحبونتقسيم الى البلاد وتفريق العباد الجمال فى الوحدة | |
|